1990 بداية شهر رمضان تركت عائلتي في مصر ورجعت الي جدة للعمل .. وكانت أسوأ ظروف تمر بي بعد فشلي في عدة مشاريع في مصر فشلت في التجارة وفشلت في ادارة سيارة نصف نقل وفشلت في الزراعة .. كانت ممتلكاتي 45 فدان في محافظة الاسماعيلية .. ولم يبقي منها سوي عشرة أفدنة فقط .. لجأت الي الهروب بعيدا عن أعين الناس .. حتي أحافظ علي ماتبقي لي من سمعة .. طلبت صديقا لي في فيزا وكانت جاهزة وكانت اجراءاتها تمر بسرعة غير اعتيادية وكان القدر حدد لي يوم الاول من رمضان لا بد وأن أكون في مدينة جدة. لجأت الي مكاتب المحاسبين لعلاقتي السابقة معهم وكان ردهم موحد بعد العيد.
أستدنت من صديق خمسمائة ريال يوم التاسع عشر من رمضان ونويت الاعتكاف وما أجمل تلك الأيام فقد كانت أيام لا تنسي.
في اليوم السابع والعشرين .. بدأ تفكيري في الزكاة ومددت يدي الي محفظتي ولم أجد سوي مائة ريال .. أفراد أسرتي ثمانية يعني بثمانين ريال وعشرون ريال هم اجرة التاكسي الي جدة وعلي ذلك أنشغل تفكيري . كان بيدي خاتم من الذهب الأبيض اشتريته منذ فترة بأربعمائة وخمسون ريال لجأت الي الصاغة بجوار الحرم حتي أفك تلك الأزمة ولا أقطع أعتكافي ولكني لم أوفق في بيعه.. الناس في واد وأنا في واد آخر كل تفكيري بأن الزكاة فرض والاعتكاف تطوع , وقررت بعد صلاة الفجر بأن أقطع أعتكافي وأدفع زكاتي وأرجع الي مدينة جدة.
المكان الذي أنا جالس فيه أمام الملتزم وبيني وبين الملتزم مقام سيدنا ابراهيم بنفس المسافة تقريبا .. والزمان بعد صلاة التهجد .. جالس وأنا غير راض عن تلك الظروف .. فجأة ظهرت سيدة علي كرسي متحرك بجواري ومعها سيدة اخري تدفعها وأذا بها من دون الجالسين تتوجه الي بهذة الكلمات ياولدي ماتعرف حد يطوف بي .. نهضت واقفا في الحال وقلت لها أنا , وأمسكت زمام الكرسي المتحرك وأتممت بها السبع’ أشواط .. وبعدها أتجهت الي جبل الصفا وأتممت بها السعي بين الصفا والمروة .. واذا بآذان الفجر يرتفع . مدت يدها الي جيبي ووضعت شئ لم أره في البدايه .. مددت يدي واذا هي مائة ريال .. حاولت أن أرجعها لها وأفهمها بأن هذا العمل لم أقم به طلبا للمادة وأنما لوجه الله ورفضت وأصرت علي ذلك.
قمت بتوديعها وتوضأت من بئر زمزم لصلاة الفجر .. وبعد صلاة الفجر وكالعادة أتجهت الي سطح الحرم فوق جبل الصفا لآخذ قسطا من النوم الي ماقبل صلاة الظهر.
قبل صلاة الظهر كانت الشمس تنبهنا وتوقظنا لنستعد الي الصلاة .. وكان في جيبي مصحف صغير
رفعته واذا بمائة ريال ملفوفة كالقلم بجوار المصحف فتشت حافظتي واذا بها مائتين .
شعرت بأنها رسالة من ربي يقول لي يامحمد أنت في بيتي وفي ضيافتي وتشكو هم مصروفك
خذ بجهدك وعرقك وخذ وأنت نائم لاحول لك ولا قوة .. أنا بيدي كل شئ .. أنا القادر علي كل شئ
واذا بي أبكي وبصوت مسموع أذهل من حولي ويستغربونه ولا أحد يعرف بأنها رسالة من ربي .. وضعت أقدامي علي الطريق الصحيحة.